غضب سكندري بسبب فتوى "البدري" بتحطيم التماثيل..ومطالب بحصر المواقع الأثرية وحمايتها
تزايدت حالة الاستياء والغضب بين السكندريين، بسبب تصريحات الشيخ يوسف البدري التي دعا فيها إلى تحطيم وهدم كل الآثار والتماثيل الموجودة في مصر، باعتبار ذلك واجبًا شرعيًا، حيث تؤدي إلى إثارة الفتن والعودة إلى عبادة الأصنام من دون الله.
وطالب المواطنون ومثقفون وناشطون سياسيون في محافظة الإسكندرية، بحماية المناطق الأثرية والتراثية وذات القيمة العالية في الفترة المقبلة، تجنبا لتعرضها لأي اعتداءات من جانب من وصفوهم بـ"معتنقي الفكر الوهابي المتطرف والرجعيين ومتحدي الحداثة والمعاصرة والتحضر والتقدم".
قال أحمد ماهر، عضو الحملة الشعبية للدفاع عن الممتلكات العامة بالإسكندرية، "إن الاعتداء على المواقع الأثرية والمتاحف والأماكن المهمة، شيء لا يقبله عقل ولا دين، ويؤثر بالسلب على تاريخ مصر ومستقبلها"، مطالباً الرئيس محمد مرسي والحكومة والقوى السياسية المستنيرة بـ"التكاتف لتأمينها والحفاظ عليها".
وطالب ماهر بـ"وضع خطة تأمينية محكمة للحفاظ على هذه المواقع التراثية، وعدم السماح للمنظمات الدولية بالحديث بشأن وجوب توفير حماية دولية للآثار المصرية، وقطع الطريق على أي تحركات ضارة بالحضارة المصرية"، مشيرًا إلى خطورة "الاستخفاف" بأهمية الآثار المصرية التي يعتبرها العالم إرثا للبشرية وليس ملكًا لدولة بعينها.
وأكد سعيد عز الدين، منسق اللجان الشعبية بالمحافظة، على "ضرورة مكافحة مثل هذه الفتاوى بشكل سريع وعلى كافة المستويات"، منتقدًا ما اعتبره "فتح المجال للفكر الوهابي للاستشراء في كافة جوانب الدولة، والعبث بالحضارة المصرية والأصول والأعراف والقيم المجتمعية التي أرساها الشعب المصري على مدار القرون".
واستنكر عز الدين تجاهل السلطات والجهات المعنية للأمر على الرغم من خطورته على الدولة والمجتمع، مشددًا على "ضرورة الوقوف ضد المحطات الفضائية الدينية التي تسعى دائمًا إلى التفريق بين المواطنين وتمييز فصيل على آخر وهدم "مصرية" الدولة، ونشر أفكار متأخرة وهدامة".
وأضاف محمد عبد الكريم، القيادي بالجمعية الوطنية للتغيير بالإسكندرية، "إن الشعب شعر بحجم الفاجعة عند احتراق المجمع العلمي في أثناء أحداث العنف التي شهدها محيط مجلس الوزراء وشارع محمد محمود، وبخاصة بعد أن تهافتت دول العالم في عرض المساعدة في إعادة بناء وترميم ما تبقى من كتب نادرة ومخطوطات تحكى تاريخ مصر، متابعًا "لكن أصحاب الأفكار الرجعية لم يستوعبوا الدرس وواصلوا مطالبتهم بهدم التاريخ".
ودعا عبد الكريم، إلى "وضع قائمة بالمواقع الأثرية والتراثية، وتخصيص قوات لحمايتها بشكل دائم للحفاظ عليها، وبخاصة محكمة الحقانية ومكتبة الإسكندرية والبلدية والمتحف الروماني واليوناني وقلعة قايتباي وأسوار إسكندرية القديمة ومجمع المساجد والمعبد اليهودي".
وحمل عمرو الدمرداش منسق حركة كفاية بالمحافظة، أنصار التيارات الإسلامية مسؤولية إصدار هذه الفتاوى بسبب "التشدد والرجعية" في خطاباهم السياسي والديني، بحسب وصفه، مؤكدًا أن "شباب هذه التيارات أصبحوا أقوى من الدولة، ومسيطرين على مؤسساتها وبخاصة مع عدم عودة وزارة الداخلية للعمل واكتفائها بالدور الرمزي بعد الثورة".
وقال الدمرداش "أذكّر أعضاء تلك الجماعات بأن عمرو بن العاص لم يقم بتحطيم أي من الآثار أو هدم الكنائس أو تشوية أي مشهد تراثي عند فتحه لمصر، وإذا كان وجود تلك الآثار حرام شرعًا لكان فعلها"، مطالبًا الدولة بتحمل مسؤوليتها تجاه مثيري الفتن بين أبناء الشعب المصري.
وتحتوي محكمة الحقانية بالإسكندرية على متحف يضم مجموعة من المقتنيات التاريخية، منها 1200 فرمان يرجع تاريخها إلى عصر محمد على وختم للمحاكم المختلطة، ولائحة لقانون السلطة القضائية، وميزان أثرى ومجموعة أثرية من صور الملول ورؤساء المحاكم منذ إنشائها، وسجلات ونماذج لتوقيع حكام العصر المملوكي وقطع فنية نادرة ترجع إلى القرن السادس عشر كان الملك فؤاد الأول قد جمعها عام 1937، وتمثال من البرونز للخديوي عباس حلمي الثاني ولوحات زيتية نادرة بإطار من الذهب الخالص.
كما تُعد مكتبة البلدية من أهم تلك المواقع، حيث تأسست عام 1892 وتضم أكبر خزانة خطية بالإسكندرية، حيث تضم 9 آلاف مخطوطة تاريخية منها 1200 مخطوطة عليها توقيع وختم إبراهيم باشا نجل محمد على وقائد الجيوش، فضلا عن آلاف المخطوطات الدينية مثل مخطوطة الجامع الصحيح للإمام مسلم ابن حجاج البشابوري، والتي يعود تاريخها إلى عام 368 هجرية، ومخطوطة فقه المالكية عام 530 هجرية، إضافة إلى مخطوطات علمية في علوم الطب والصيدلة والفلك والطبيعة باللغتين الفارسية والتركية، ومنها مخطوطة القانون في الطب للعالم الكبير ابن سيناء.
وتحتوي مكتبة الإسكندرية على آلاف من المخطوطات والكتب التراثية النادرة، مثل نسخة طبق الأصل من الكتاب المقدس الذي طبعه مخترع الطباعة الحديثة الألماني يوهان جوتنبرج، ونسخة خطية نادرة "طبق الأصل" من المصحف الذي كتبه الخطاط ابن البواب الذي توفي ببغداد عام 1022 ميلادية، فضلًا عن أكثر من 16 ألف كتاب نشرت بين نهاية القرن الخامس عشر وأوائل القرن العشرين وخمسة كتب لاتينية طبعت بين عامي 1450 و1501، إضافة إلى أكثر من 40 كتابا صدرت في القرن السادس عشر منها "أشهر جزر العالم" الصادر في البندقية عام 1576 لمؤلفه تومازو بوركاشي، وهو من أهم الكتب التي تناولت وصفا دقيقا لأشهر جزر العالم، ويضم صورا توضيحية وخرائط لتلك الجزر رسمها النحات بورو جيرولامو، 00-1604.
نقلا عن
0 التعليقات:
إرسال تعليق